الزنج – جمعية اقرأ
خاض الشباب والكبار نهائيات مسابقة “اقرأ” (12) في فرع الحفظ، وذلك يوم السبت الموافق ١ ديسمبر ٢٠١٨م، بماتم الحاج علي عبدالله خميس بمنطقة الزنج.
وخلال الفعالية تحدث الباحث الإسلامي الشيخ جعفر الستري في كلمته عن “مراتب هجران القرآن”، وكان من أبرز ما طرحه النقاط الآتية:
يقول الله تعالى: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا” (الفرقان: 30).
لهذه الشكوى الرسولية القرآنية أربع (٤) دلالات، فخطاب الرسول (ص) يوثقه الله في قرآنه (لما له من أهمية بالغة):
الدلالة الأولى:
عنفوان الرحمة والحب من الشاكي، فهو ليس في مقام الانتقام والانتقاص من المشكو عليهم، وإنما في مقام الأبوة؛ “يا علي، أنا وأنت أبوا هذه الأمة”.
كما يبين القرآن الكريم حرص النبي (ص) على أمته: “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ” (التوبة: 128).
الدلالة الثانية:
الألم والاعتصار الأبوي، إبراز الألم والتوجع على من يمثل لهم أبًا روحيًا وتكوينيًا مخافة أن ينحرفوا ويضلوا؛ كحرص الأب على ابنه.
الدلالة الثالثة:
عِظَم المشكو لأجله؛ وهو القرآن، فمن عظمة القرآن اهتم الرسول (ص) أن يصيغ شكوى خاصة بأن (المسلمين) اتخذوه مهجورًا.
الدلالة الرابعة:
خطورة هجران القرآن الكريم، فلو لم يكن الهجران خطيرًا لما اهتم سيد الموجودات (ص) بهذه الشكوى.
…
♦ هل نحن من سيشكونا القرآن؟!
من خلال قراءتنا نسأل: هل نحن من سيشكونا القرآن؟! هل اختبرنا علاقتنا مع القرآن؟ ما هو تصنيف موقعنا من القرآن الكريم؟ مِن التالين أم من الهاجرين؟ ما هو الميزان والمقياس الذي نستطيع به أن نعرف أننا ممن لازَم أو هجر القرآن؟
قد نكون من التالين ولكن قد نكون هاجرين بلحاظ آخر. وللمتسابقين أقول: عندما تخفق في المسابقة هنا لا يصيبك الإحباط؛ فالمسابقة الحقيقية هناك؛ {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } (المطففين:26).
♦ مراتب هجران القرآن:
1- مرتبة الهجران اللساني:
عن الإمام عليّ (عليه السّلام): “مَن أحَبَّ شَيئاً لَهِجَ بِذِكرِهِ”. (غرر الحكم : 7851 ، 3875). فهناك أناس كثر لا يلهجون بالقرآن إلا في شهر رمضان (مثلًا).
وأن تقرأ القرآن معناه أن تتقصد قراءته، ولا تكفي القراءة (المناسباتية)، وما ورد في الحديث عن علي عليه السلام: “يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا”، ليس المقصود القراءة اللسانية.
2- القراءة ليست غاية وإنما وسيلة:
إنما الغاية: “وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا” (المزمل: 4)، وغايةٌ أخرى: “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”؟! (محمد: 24).
من المعيب أن تقرأ القرآن أو تمجّد شخصًا لكلمات أنت لا تعرفها، ونسِبَت الأقفال إلى القلوب لأنها هي التي قفلت القلوب.
3- الهجران العملي:
القراءة وسيلة للتدبر، والتدبر وسيلة للعمل، قد يقرأ ويفهم، ولا يعمل، وهذا أكثر وبالًا على الإنسان:
إن كنتٍ لا تدري فتلك مصيبةٌ..
وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ
القرآن الناطق يتحدث عن القرآن الصامت: “الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم”، حتى لا نكون مصداقا لـ “كم من قارئ يقرأ القرآن والقرآن يلعنه”.
4- الهجران القلبي:
ويعتمد على (الإخلاص)، فقد يقرأ القرآن لكن مراءاةً وعُجبًا، القراءة وسيلة للتدبر، والتدبر وسيلة للعمل، والعمل لابد أن يكون مشفوعًا بمعيّة الإخلاص.
“الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ”، (البقرة: ١٢١)، “حق تلاوته” ماذا تعني؟ تعني القراءة العملية التي تستوجب “اقرأ وارْقَ”.
5- الأمر الخامس هو التتويج، إذا فقده الإنسان فكأنه لم يقرأ ولم يرتل ولم يفهم ويخلِص، “إني تاركٌ فيكم *الثقلين*…”، “فاسألوا أهل الذكر”.
يبقى ألا تخلو هذه المجالس من آيةٍ ورواية، حتى لا نترك فضل محمد وآل محمد.
♦ مراتب قراءة القرآن:
فمن دون أهل البيت (ع) لا ينفع القرآن، وإلا لقال النبي الأكرم (ص): إني تاركٌ فيكم (الثقل) وكفى. فعمر بن سعد كان يقرأ القرآن ليلة العاشر من المحرم!
نسأل الله تعالى أن نكون ممن يقرأ القرآن بمراتبه (كلها).
جميع الحقوق محفوطة لـ جمعية اقرأ لعلوم القرآن