سماحة العلامة الشيخ محمد صنقور
المسألة: هل يجوز -حسب مذهب أهل البيت عليهم السلام- للمثقف وصاحب الشّهادات العليا من جامعات الغرب أن يفسّر و/أو يجتهد في آيات القرآن الكريم والأحاديث؟ وما هو الدليل العقلي والشرعي على ذلك؟
الجواب:
التفسير للقرآن الكريم وكذلك الاجتهاد في الشريعة الإسلامية واحد من التخصُّصات التي يتوقف التوفُّر عليها على دراسة مستفيضة للعلوم المرتبطة بهذا التخصص كعلوم العربية النحو والصرف وعلم المعاني والبيان والبديع وعلم المنطق وعلم الرجال والدراية والطبقات وعلم الفقه بتمام تشعباته والتأريخ الإسلامي وغيرها من العلوم.
فإذا استوعب الإنسان كَّل هذه العلوم وبلغ فيها مستوى الملكة الراسخة كان قادراً على التفسير والاجتهاد وإلا كان متطفلاً ومتقمصاً لمقامٍ على غير أهلية، فهو كمن مارس مهنة الطبابة لمجرد معرفته ببعض القواعد العامة للطب فأخذ يدعي تشخيص الأمراض ووصف الأدوية ومباشرة العمليات الجراحية.
أيكون ذلك مقبولاً منه بنظر العقلاء؟! وهل يُعذر مَن يقبلُ بتشخيصه ووصفه للدواء ويُسلِّم نفسه إليه ليعالجه بجراحةٍ قد لا تكون مضاعفاتها متداركة، لا يرى العقلاء أن في ذلك سفاهة من المريض وتجنِّياً من المدَّعي؟
وهذا المتقمِّص لمهنة الطبابة على غير أهلية لو كان فيلسوفاً أو مهندساً فهل يخوِّله ذلك بنظر العقلاء مزاولة مهنة الطبابة والحال إنها تخصُّص أخر غير الفلسفة والهندسة.
وهذا البيان يمكن إسقاطه على المثقف والجامعي الذي يدعي لنفسه القدرة على التفسير والاجتهاد.
نعم لا غضاضة بأن يقوم المثقف بنقل آراء المفسرين والمجتهدين من أهل الكفاءة في ذلك أما أن يُزاول هو عملية التفسير والاجتهاد فهو مُعيِبٌ بنظر العقلاء. هذا من جهةٍ عقلائية وأما من جهة شرعية فقد نصَّت الآيات والروايات على حرمة التفسير والإفتاء بغير علم أي بغير أهلية وأن من فعل ذلك فهو مفترٍ وليتبوأ مقعده من النار.
جميع الحقوق محفوطة لـ جمعية اقرأ لعلوم القرآن